يحكى أن ملكاً حكيماً كان يجلس على عرش مملكة اللؤلؤ المشهورة. وفي إحدى الليالي راوده حلم أقلق منامه، إذ رأى أن هناك خطراً يتربّص بمملكته، ولن يستطيع منعه إلا بإيجاد لؤلؤة المعرفة التي تمتلك قوة خارقة لنشر المعرفة بين الناس وحمايتهم من الشر.
استيقظ الملك خائفاً مرعوباً، وأمر حاشيته وشعبه بالانتشار في طول الأرض وعرضها بحثاً عن تلك اللؤلؤة، ووعد من يجدها بجوائز ثمينة ومكافآت وفيرة.
لكن المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق، فقد كانت اللؤلؤة قابعةً في أعماق بحر الكنوز تحت حراسة أخطبوط عملاق لا يجرؤ على مجابهته أحد، إلا من يتحلّى بالشجاعة والذكاء.
ذاع الخبر في جميع أرجاء المملكة، إلى أن وصل إلى شقيقين يحترفان الغوص والمغامرة، فوجدا في تلك المهمة فرصة لإثبات شجاعتهما وولائهما للمملكة.
لكن مهارتهما لم تشفع لهما، ولم يستطيعا حتى الاقتراب من اللؤلؤة؛ فقد وقف لهم الأخطبوط العملاق بالمرصاد، فباءت كل محاولاتهما بالفشل. لم ييأس الشقيقان، وحاولا مراراً وتكراراً حتى خارت قواهما وعادا إلى الشاطئ يجرّان ذيول الخيبة. وبينما هما جالسان قرب البحر بعزيمتهما المحطّمة، وإذ بامرأة عجوز تمرّ بهما وتسألهما عن سبب حزنهما. جلس الشقيقان بالقرب منها وغاصوا جميعاً في حديث عن الحياة والعالم وأغوار البحر. وحين وصل الحديث إلى مغامرتهما الأخيرة وفشلهما في خطف لؤلؤة المعرفة من الأخطبوط، ارتسمت ابتسامة رقيقة على وجه المرأة لمعرفتها بالسر، ونصحتهما بالانتظار حتى اكتمال البدر في ليلة قمراء والعزف على الناي كي يغطّ الوحش في نوم عميق ليتسنى لهما أخذ اللؤلؤة من دون مقاومة.
شكر الشقيقان المرأة وانطلقا بحثاً عن الناي، وعند قدوم الليلة المنشودة، توجّها نحو الشاطئ وبدأ أحدهما بعزف ألحان هادئة، في حين غاص الآخر في عمق البحر قاصداً اللؤلؤة، ولم يصدّق نفسه عندما رأى الأخطبوط غارقاً في نومه بفضل اللحن المعزوف. وسرعان ما بدأ البحث عن اللؤلؤة حتى وجدها وعاد بها إلى الشاطئ على الفور. ولكن رحلتهما لم تنته هنا؛ فالطريق نحو قصر الملك طويل جداً ومحفوف بالتحديات والمخاطر التي بدأت بعاصفة هوجاء اضطرتهما للاحتماء داخل الغابة حتى بزوغ الفجر وهدوء العاصفة. وما إن انسدلت أشعة الشمس من أعلى السماء، وجد الشقيقان نفسيهما أمام باب القصر وحرّاسه العمالقة، وسردا عليهم قصتهما ليسمحوا لهما بمقابلة الملك.
استمع الملك الحكيم بإعجاب إلى رواية الشقيقين، وأمر وزيره بمكافأتهما بصندوق مليء بالذهب كما وعد. وهكذا وجدت اللؤلؤة موطناً جديداً تشعر فيه بالاحترام والتقدير، وابتسم الحظ للملك في ليلة اكتمال القمر التالية، حيث رُزق بأميرة جميلة أسرّت قلوب الشعب بأكمله، فقرر تسميتها "لؤلؤة" تيمناً بلؤلؤة المعرفة.
مرّت الأيام وكبرت الأميرة لؤلؤة وصارت شابة متألقة، تسري فيها روح المغامرة وينبض قلبها بالفضول وحب المعرفة. وكانت الأميرة تذهب خلسة كل ليلة إلى مكان اللؤلؤة لتطلب منها سرد قصة جديدة ترويها لأهالي المملكة.
وأخيراً، أصبحت الأميرة مع صديقتها اللؤلؤة رمزاً للسعادة والأمان والفرح والمعرفة، وعاش جميع من في المملكة بفرح وسرور على مر الأيام.